تتفاقم بين مدة وأخرى إشكالية جلب الأيدي العاملة المنزلية بين تعليق وتأخير وحظر، وبين المفاوضة على صعود المرتب أو الموضوع على محددات وقواعد تكميلية في تم عقده الجهد من أجل ضمان حقوق الأيدي العاملة المنزلية من ناحية الدول التي يتبع لها هذه الأيدي العاملة. وتابعنا حديثاً ما وقع مثلاً من ردود إجراء عارمة من السلطات الاندونيسية من بسبب مقتل خادمة إندونيسية بداخل منطقة عصيب، وتعنيف ولطم أخرى في البلدة المنورة.
تلك الإشكالية ما إن تهدأ مدة من الوقت سوى وتعاود الثوران كبركان استقر مدة ثم نشط فجأة، وعلى صعيد أجدد، ما تزال متشكلة هروب الأيدي العاملة وعدم انضباطها بعقود الجهد متشكلة تؤرق أصحاب المجهود، من إذ خسارة مستحقاتهم المادية، وانتظارهم مدد زمنية طويلة حتى ينهي استيراد خادمة أو قائد سيارة أجدد.
والأسباب في هذه الظاهرة متنوعة، وبرائي أن من أبرزها عدم حضور التنظيم الشرعي الشامل لجميع ما يرتبط بالعمالة المنزلية ابتداءً من إلتماس الاستيراد وحتى ممارسات السفر والمغادرة الختامية شاملاً جميع الحقوق والواجبات للخادمة والكفيل أو رب العائلة، فحتى حاليا لا يبقى في المملكة نسق أو قائمة للعمالة المنزلية على الرغم من أن عددهم تعدى 1,000,000 فرد (بمن فيهم الخادمات المنزلية وعمال الطهي والقهوجية والسائقين وجميع من يعمل في المساندة المنزلية).
ويقدر قدر الإنفاق السنوي من الأسر المملكة العربية المملكة السعودية على هؤلاء الأيدي العاملة وفق قليل من التقديرات بمبلغ (21) مليار ريال، فعلى الرغم من ذلك العدد الضخم والمبالغ المفرطة التي إجراء، فإنه لا يبقى للعمالة في المملكة تجهيز تشريعي منفصل، فنظام المجهود سواء السحيق أو الجاري الصادر بالمرسوم الملكي رقم م/51 وتاريخ 23/8/1426ه قد استثنى خدم البيوت من أحكامه، لكن الأمر الذي يحسب للنظام الحاضر هو الذي اشتملت أعلاه المادة السابعة منه التي أتى فيها «وتقوم الوزارة – أي وزارة المجهود – بالترتيب مع الجهات الخاصة في وضع قائمة خاصة لخدم البيوت ومن في حكمهم تحكم علاقتهم مع مستخدميهم، وتحدد حقوق وواجبات كل طرف من بينهم، وترفعها لمجلس الوزراء».
وعلى الرغم الاحتياج الماسة لمثل ذاك النمط من التنظيم والآثار الهدامة الوفيرة التي ترتبت على التأخر في إصداره، لكن ثمة بطء مستغرب وغير تبرير لإصداره، فطيلة السنين التي أعقبت صدور نهج المجهود، ونحن نسمع بجانب صدور قائمة تجهيز الرابطة بين أصحاب الجهد مع الأيدي العاملة المنزلية، ولم يطرأ شئ، لكن أن منشأ في مجلس الشورى قد أفاد لجريدة العاصمة السعودية الرياض عاصمة السعودية بتاريخ (14/02/1430ه) بأن الفهرس سترى النور بعد وقت قريبً بعدما وحط المجلس ملاحظاته على المشروع المعد من ممنهجة المختصون بمجلس الوزراء. ولا نزال ننتظر بصيرة النور في أعقاب ما يقارب سنتين من ذاك الزمان الماضي.
وبغض البصر عن التأخر في إنتاج هذه السجل، فإننا نطمح أن تطلع بصورة شاملة ومنظمة للعلاقة بين أصحاب الجهد والعمالة المنزلية، يشتمل جميع حقوق وواجبات الطرفين بالتفصيل، وأن يحوي ضمانات لجميع طرف تحفظ مستحقاتهم. مثلما نأمل أن تشتمل على القائمة ترتيب عمل مكاتب الاستجلاب الأهلية، فكثيراً ما تثار المشكلات بخصوص أدائها وقلة التزامها ببنود ومحددات وقواعد الاتفاق المكتوب المتحد والمعتمد من وزارة الجهد، فنطالع في أحايين وفيرة بصفحات الجرائد تظلمات من مواطنين بشأن عدد محدود من تلك المكاتب وقلة التزامها في المدد أو المحددات والقواعد وخلافه.
وهنالك قضى أجدد نطمح أن يشمله التنظيم في السجل المقبلة لخدم البيوت، وهو نص الجهد المؤقت للخدم أو استئجار عمل الخدم، فكما هو معروف عند عدد كبير من الناس فإن ثمة سوق موازية لتشغيل الخادمات الهاربات من كفلائهن، وتلجأ العديد من الأسر للتعاقد بصحبتهم في وجود القيود الجارية على جلب خدم البيوت، فالوضع الجاري يوميء إلى أنه غير ممكن لشخص دعوة استيراد خادمة قريبة العهد سوى بعدما يرفق شهادة الخروج من للخادمة الفائتة، لذلك ينبع فجوة زمنية تبلغ في الوسطي إلى 45 يوماً، ولمعالجة هذا تلجئ الأسر إلى السوق الموازية للخادمات الهاربات للاستعانة بإحداهن لسد تلك الفجوة الزمنية.
ولمعالجة هذا نقترح السماح بمكاتب الاستيراد بإنشاء قسم خاص لتأجير عمل الخادمات المنزلية لفترات قصيرة وبشروط وترتيب ملحوظ لقطع الطريق في مواجهة ذلك مكان البيع والشراء غير النظامي. ونقترح أن تشتمل على الفهرس إيضاً على خطاب تفصيلي لمسألة الحقوق المالية للعمالة المنزلية، فاشتراط القدرة المادية لطالب الجلب لا يكفي بحد نفسه لضمان الحقوق المادية لهم، لهذا يقترح إنفاذ غرامات على الكفلاء الذين يتقاعسون أو يتعمدون انتهاك الحقوق النقدية للعمالة المنزلية، وايضاً لمن يسئ التصرف مع الأيدي العاملة المنزلية، فإساءة إنتفاع الأيدي العاملة الوافدة وخصوصا العمال المنزلية منها تشكل برأيي ظاهرة مؤسفة تبلغ في العديد منها إلى فئة من العبودية والاسترقاق، وليس مثلما ينشد القلة تصويرها بأنها حالات فردية.
فمن الناحية النظرية البحتة ثمة فعليا مواضيع نظامية وافرة ما إذا كان في نهج الشغل أو غيره تضمن تأمين الأيدي العاملة الأجنبية من سوء المعاملة أو الاستغلال أو انتهاك الحقوق، لكن تلك المواضيع يعاب فوقها في أمرين وهما عدم تواجد التطبيق التام والفاعل والنقص في التنظيم لبعض المسائل، مثل إسكان الأيدي العاملة ولاسيماً الأيدي العاملة المنزلية في مقار قد لا تليق بحياة وكرامة الإنسان، عدم الإلتزام بساعات عمل معينة، إساءة المعاملة والنظرة الدونية واللا بشرية للعمال الأجانب والتي تبلغ إلى اللطم والإهانة ومعاملتهم كآلات وليسوا كبشر، وتحميلهم ممارسات لا يمكن له في بعض الأحيانً أعتى الرجال القيام بها، فهذه أمثلة على حالات نصت الأنظمة على حظرها لكن والمعاقبة أعلاها، سوى أنها تتم على نحو مطرد، ولذا دليل على عدم التطبيق الفاعل لتلك الأنظمة، لهذا أتعجب على من يستغرب الأمر الذي يرتكبه الأيدي العاملة الوافدة وخصوصا الأيدي العاملة المنزلية من تصرفات وجرائم مشينة، فالكثير منها يرجع إلى حقيقة طفيفة وهي أن لجميع تصرف استجابة، فما الذي يمكن انتظاره من قوم يساء معاملتهم بصور غير بشرية.
لهذا نأمل من وزارة المجهود والجهات الآخرى ذات الرابطة عدم التهاون بأي حال من الأحوالً مع منتهكي الحقوق النقدية والمعنوية للعمالة المنزلية وإمضاء الإجراءات العقابية النقدية عليهم من إمضاء جزاءات والحرمان من الاستيراد لفترات زمنية معينة تبلغ حتى الحرمان الختامي من الجلب، إضافة إلى ذلك العقوبات الجنائية على تلك الانتهاكات التي سوف تكون حتماً مسؤولية جهات أخرى غير وزارة المجهود، فكل ما نتمناه في الفهرس المنتظرة أن تقطن رابطة توازنية تحفظ حقوق الطرفين الأيدي العاملة المنزلية والكفلاء، وخصوصا حقوق الأيدي العاملة المنزلية والتي في العادة استغلت انتهاكات مستحقاتهم من جهات خارجية دولاً كانت أم منظمات كمنظمات حقوق وكرامة البشر للنيل من المملكة وشعبها وتحقيق مقاصد أخرى غير معلنة.
وفي الختام سواء وجد التنظيم الشرعي للعمالة المنزلية أم لا، فالأمر لا يتطلب للتذكير أنهم أمانة في أعناقنا سنسأل عنهم الآخرة إن أسانا معاملتهم، والله اعلم.