الاحتيال التجاري بين مزدوجتين
كأن أسواقنا تشهد طوفاناً أو موجة عاتية من الاحتيال التجاري في كل المنتجات، ليس هذا وبحسب، إلا أن كأن هنالك أياد خفية تنفذ ذاك الإغراق بتخطيط. خسر تناقلت الأنباء قبل 48 ساعةٍ خبراً يؤكد أن وزارة التجارة نفذت جولات رقابية ميدانية على مجموعة من المحال التجارية التي تبيع المواد القاتلة للحشرات في متنوع أنحاء المملكة، ولذا بغاية التحقق من عدم توفر مبيد “فوسفيد الألمنيوم” القاتل، الذي لا يعرف واحد من كيف تسرب إلى المستهلكين.
وقبلها بيوم ضبطت الوزارة زيادة عن 1.5 1,000,000 قطعة كهربائية مقلدة ومخالفة للمواصفات والمعايير، وهذا حتى الآن إقتحام فيلا سكنية وسط العاصمة السعودية الرياض عاصمة السعودية، اتخذتها شركة تجارية مستودعا لتخزين المواد المغشوشة التي تشكل خطرا على المستهلكين، لتعد بهذا أضخم حجم تضبطها الوزارة.
والمثير للقلق أن ذاك الطوفان لم يستثن سلعة دون سلعة بدايةًا من المأكولات والمشروبات مروراً بالأجهزة والمعدات الإلكترونية وانتهاءً بالمواد السامة التي تبيد الإنسان قبل الحشرات. مثلما لم يقتصر طوفان التلاعب فوق منطقة دون أخرى، ففي تلك الأيام ذاتها صرحت جولات تفتيشية ميدانية قامت بتنفيذها فرق وزارة التجارة والصناعة في الزلفي عن سيطرة على زيادة عن 17 1000 سلعة وأكلة غذائية فاسدة في مجموعة من المحال التجارية واشتملت البضائع التي إكتملت مصادرتها وإتلافها في متاجر الزلفي على عبوات متنوعة من الفشار، والبطاطس، والمعلبات، وأنماط أخرى متنوعة من الوجبات المتعجلة والأغذية المنتهية الصلاحية وغير صالحة للاستهلاك البشري.
مثلما صادرت وزارة التجارة والصناعة أحجام من البضائع والخلطات الشعبية التي جلَد ادعاءات طبية مضللة وتشكل خطورة على المستهلكين بمدينة الجوف، وهذا طوال جولات تفتيشية نهض بها المراقبون نتج بسببها مصادرة زيادة عن ثلاثة آلاف سلعة غذائية واستهلاكية منتهية الصلاحية.
لدى مطالعة مثل تلك المستجدات في الصحف، يمكنه أي واحد من أن يكيل ما يشاء من تهم التقصير في رصد أماكن البيع والشراء لتأمين المستعمل بحق وزارة التجارة، ويُلحق بصحبتها في قفص الاتهام كلا من منفعة الجمارك ومنفعة الخصائص والمعايير على تضاؤل مواصلة المضبوطات المغشوشة وملاحقة موزعيها ومستورديها لإيقاع الإجراءات التأديبية النظامية بحقهم، لضمان إنعدام وجود معدات ومواد مقلدة في مكان البيع والشراء المحلية، أو تهريبها عبر المداخل، أو التحايل في شهادات المماثلة في بلد الأصل… إلخ.
غير أن هل ذاك يكفي؟
الواقع أن محاربة التلاعب التجاري لا تنحصر مسؤوليتها في شركات البلد الحكومية وحدها، حيث إن العقدة الأهم في نهج مطالب مكافحة التحايل التجاري هي القطاع المخصص منتج بالخارج تلك المنتجات وموزعها والمروج لها، وبذلك فإن أعلاه المسؤولية الأضخم، ويُنتظر منه أن يلعب دورا قياديا وتفاعليا في مقاتلة الظاهرة.
ولا أظن أن القطاع المختص سيطبق تلك النُّظُم التي تمثل في نظرة “مثالية”، إذا ما واصل يعمل بعقلية “البائع” الذي تنحصر مشاهدته في حواجز “البقالة” التي يديرها، لا بمنطق قطاع أفعال يوفر للمجتمع ما يتطلب إليه من الخدمات والسلع، إذ للشركة مسؤولياتها ودورها في تساجلية اقتصاد البلد الكلي.
ومن ثم فإن التعويل في تحريكه لينهض بمسؤولياته سوف يكون على تشريعات البلد، التي يمكنها بإقرار نهج غرامات صارمة ورادعة أن تلزم مؤسسات القطاع المختص بتأدية أساليب وطرق عمل وسياسات تردع التحايل والغش والقبض على المتلاعبين من في نطاق المؤسسة والتفكير إثنين من المرات وثلاثة قبل الإقدام على ما من حاله أن يضعها أسفل طائلة التشريع.
إن تنشيط مبدأ “العقوبة بالتشهير” الذي يطالب به معظم المراقبين والذي أثبت في مساعي سابقة قعر تأثيره في سلوكيات المؤسسات، يُعتبر في مجتمعاتنا من أمتن أسباب الردع ذات الإيراد الاجتماعي الشديد، لهذا فإن إقراره سيضمن التزاماً أضخم من القطاع المختص وجدية أضخم في مكافحة التحايل التجاري ذاتياً، والتفاعل بصورة جادة، بتأدية إجراءات تأديبية بديهية على المتلاعبين بسمعتها في الداخل.
ومن ثم تتكامل حلقات نسق محاربة التحايل التجاري وتتوافر متطلباتها.
فعلى المجال الطويل ستتبلور المنظومة في إدراك باهظ لدى المستخدم، وظروف بيئية عمل صحية، وكوادر وطاقات حادثة في جهات الاختصاص الرسمية.