تتخطى المنشأة التجارية أو البائع بمرحلة من مدد التعثر أوالإفلاس، وهكذا فهما يحتاجان إلى إجابات تشريعية لمعالجة مثل تلك الأحوال التي قد تطرأ عليهما. ونظرآ لما تحتله المملكة من منزلة اقتصادية بين دول العالم؛ لم يغفل الممنهج السعودي تحضير مثل هاتين الحالتين اللتين قد يتعرض لهما عدد كبير من المؤسسات أو أصحاب التجارة، لذلك أوجد الممنهج حلولآ للمؤسسات المفلسة أوالمتعثرة وذلكمن طوال نظامين: نهج المحكمة التجارية ونظام الصلح الواقي من الإفلاس.
في سنة ١٣٥٠هـ نهض الممنهج السعودي بنشر نمط المحكمة التجارية. إذ أتى في الباب الـ10 منه تنظيمآ لمسائل إفلاس المنشأة التجارية أو البائع. وبعد التقدم في عالم التجارة في المملكة صارت الاحتياج ملحة لنظام يداوي قضايا تعثر المؤسسات أو أصحاب التجارة. ففي عام ١٤١٦هـ استدرك الممنهج السعودي لزوم المسألة، فقام بنشر نمط الصلح الواقي من الإفلاس. إذ إن فلسفة النسق تقوم على تجنيب التاجرأو المؤسسة المتعثرة ماليآ منإشهار الإفلاس، والترسيخ من استكمال النشاط وعدم الانهيار والحفاظ علىاستقرار التعاملات وتمتين الاستثمار الوطني وهذا بامتصاص الهزات التي يتعرض لها البائعين في أعمالهم. ومن مطواعية منظومة الصلح الواقي من الإفلاس، أنه أعطى المنشأة التجارية أو البائع حق الاختيار في توقيع الصلح إما بواسطة الحجرات التجارية في وزارة التجارة أو الدوائر التجارية في ديوان المظالم.
وعلى الرغم وجود تحضير لإفلاس وتعثر المؤسسات في المملكة، سوى أنه ترد إستفسارات عند المهتمين في ذلك الأمر: هل تبقى قضايا لإفلاس المؤسسات أو للصلح الواقي من الإفلاس؟ وما مبرر قلتها؟ وهل يبقى قصور في هذين النظامين؟ هل تبقى ثقافة تشريعية عن وجود منظومة للصلح الواقي من الإفلاس؟ وللإجابة عن تلك الأسئلة وقف على قدميه الكاتب بفعل استكشاف مع المتخصصين من (محامين، قضاة المحاكم التجارية، اقتصاديين) إذ توصل الكاتب إلى نتيجة؛ والتي هي: أن النسق في مستواه العام جيد، إلا أن في المنحى التطبيقي لم نر له النفوذ الذي يدعو صاحب التجارة إلى تأمين ذاته ودرأ غول الإفلاس عنه وغل يدهعن أمواله. وبرهان ذاك أن التطبيقات القضائية في ذلك الموضوع شحيحة نسبيا بالنظر إلى مقدار قضايا الإفلاس التي يثيرها أصحاب المنفعة، هذا أن كثيرآ من أصحاب التجارة يلتجئ إلى التملص من الإفلاس بتصفية المؤسسة درأ عن غل أمواله بالإفلاس.
وبالنظر إلى عوامل شح قضايا الإفلاس أو الصلح، نجد أن مردها أن النظامين جاءا ضعفين أو محدودي التكلفة. فنظام الصلح لم يداوي المسائل الجوهرية المرتبطة باسترداد بناء وتركيب المؤسسة حين تعثرها؛ كالتنظيم لمسألةالحصول على دفع نفقات، العثور على محددات وقواعد للخطة ينبغي على المدين أن يطبقها،إجابات لعقود المنشأة التجارية مع متعاقديها، حقوق للدائنين والمدينين مفصلة….
كل ذلك أسفر عن تدهور في الثقافة التشريعية عند ظروف بيئية المؤسسات عن وجودمثل ذاك النسق الذي من الممكن أن يستفيد منه صاحب المتجر أو المؤسسة حسنا النية.ولمعالجة ذلك الموضوع، فمجتمع المؤسسات بحاجة ماسة إلى منظومة مشترَك يعالججميع قضايا إفلاس وتعثر المؤسسات بالتفصيل وشامل.
وعند البصر إلى واقع الدول المتطورة، نجد أنها أدركت لزوم العثور على تشريع لإفلاس المؤسسات وتعثرها، من هذا مثال على ذلك أميركا الأمريكية. إذ نهضت في وضع تشريع فدرالي إجمالي لمسائل إفلاس وتعثر الشخصيات والشركات.
وما يهمنا ما نحن بصدده، إذ وحط الدستور فصلآ كاملآ يدعى بالفصل الحادي عشر وحط فيه تنظيما قانونيآ مفصلآ لإرجاع بناء وتركيب المنشأة التجارية المتعثرة أو المفلسة التي يتيح لها بواسطته بالعودة لممارسة نشاطها تحت مراقبة القضاء وقضاة احترافيين في ذلك الميدان. وأهمية ذاك الدستور ظاهرة بديهية، وهذا حين نلقي نظرة على القضايا المنظورة في محاكم الإفلاسالأمريكية، نجدها عظيمة العدد. خسر وصلت عدد قضايا إفلاس المؤسسات وتعثرها من تاريخ (١/١/٢٠١٥ وحتى ٢٦/٦/٢٠١٥) ٣١٨٨ موضوع. مثلما ان ثمة مؤسسات عملاقة أمريكية واجهت الإفلاس، وقد كان ذلك الإطار واقيآ لها منه وحافظآ لحقوقها وحقوق دائنيها ومن أكثرها أهمية،
وغيرها العديد…Delta Airlines, General Motors, Pizza Inn,Macy’s
ذلك كله يعطينا مؤشرآ في أن وجود نهج لإفلاس المؤسسات وتعثرها له آثار موجبة، منها مثال على ذلك لا الحصر. أولآ: الإطار سوف يسهم إيجابآ في الرقي باقتصاد دولتنا، ولا سيما أننا بشأن بصيرة ٢٠٣٠.
ثانيآ: المؤسسة أو صاحب التجارة حسنا النية قد يمرا بفترات تعثر وبذلك هما بحاجة إلى نمط شرعي يحميهما من مطالبيهم ويساعدهم على الرجوع ومزوالة النشاط لو كان ذاك ممكنآ.
ثالثآ: وجود نهج لإرجاع بناء وتركيب المنشأة التجارية يرجع بالنفع لموظفيها وهذا بحمايتهم من تسريحهم، إذ إن إفلاس المنشأة التجارية يؤدي لانتشارالبطالة بين المجتمع. رابعآ: النسق سوف يمنح الحراسة الكافية لحقوق الدائنين، ولذا بأن تكون إعاده البناء والتركيب عقب تنفيذ القبول من بينهم وأن الأفعال ستكون أسفل مظلة القضاء.
ووجود مثل ذاك النسق سوف يحث الدائنين للعمل به بدلآ من أن تكون مستحقاتهم أسفل رحمة المدينين ومطاردتهم! الـ5: بالنظر إلى الاقتصاد في المملكة، نجد أن ذلك الإطار سيكون محفزآ للأجنبي لأنه يرغب أنظمة ناجعة تكفل له مسحقاته حين التعثر أو الإفلاس.. بالنظر لمجموع تلك الإيجابيات، نجد أننا بحاجة ماسة لنظام إفلاس للمؤسسات مُجدي مع التنفيذ بعين الاعتبار بقواعد الشريعة الإسلامية..
ونظرآ لأهمية ترتيب مسائل إفلاس المؤسسات وتعثرها ودعمآ لرؤية تلك البلاد المبروكة ٢٠٣٠، أدركت وزارة التجارة لزوم ذاك الشأن. إذ وقفت على قدميها الوزارة بتهيئة مسودة لمشروع منظومة إفلاس المؤسسات يداوي قضايا الإفلاس والتعثر، وتم أصدر مسودته لأخذ أفكار المتخصصين، وتم الرفع لهيئة المختصون بمجلس الوزراء لدراسته. وقد تميزت التعليم بالمدرسة بالمقارنة بين دول متطورة في ذاك الأمر، والبدء من إذ اختتم الآخرون، والمعالجة لأبرز المسائل الجوهرية لإفلاس المؤسسات وتعثرها. وذلك الإطار حتى الآن صدوره، يفتقر جهودآلتطبيقه في العالم الحقيقي؛ من ذاك تثقيف مجتمع المؤسسات بأهميته عن طريق معيشة ورش عمل، وتمرين وتأهيل القضاة فوق منه، وغيرها..