هل يمكن قانوناً التصالح في جرائم الانترنت ؟
متى وقعت الجناية نشأ للمجتمع حق فى عقوبة الجانى ولكنه لا يمكن للجمهورية اقتضاء ذاك الحق من الجانى بإنزال العقوبة الفورى حتى إذا اعترف المشتبه به، وطلب القصاص الفورى منه وإنما لابد لانزال العقوبة أن تلجئ الجمهورية إلى مجموعة وسلسلة من الممارسات تلقب “الدعوي الجنائية” تطلب بمقتضاها من القضاء إنزال العقوبة على المدعى عليه.
ومن هنا يتجلى أن المجنى فوق منه فى الجناية لا شأن له بمطالبة إنزال العقوبة على الجانى حيث ذاك من شئون المجتمع بواسطة الدعوى، وبالتالى كان المصدر أن إرادة المجنى فوق منه لا أثر له على الدعوى لدرجة أن صفح عن المدعى عليه، إلا أن لاحظ المشرع أن قليل من الجرائم تكتسب على الفور من حقوق المجنى فوقه بجوار حق المجتمع فى العقوبة، فأثر الحق الأكبر على الثانى وجعل من صلح المجنى فوق منه مع المشتبه به سببا لانقضاء الدعوى الجنائية وبالتبعية حق وقوع حق الجمهورية فى العقوبة، وقد دعاه إلى هذا حرصه على ترسيخ الصلات الحميمة بين أشخاص المجتمع.
التصالح في جرائم الانترنت
والصلح تم عقده بين طرفين هما من وقع في حقه الجرم والمتهم ينعقد فور تلاقي الايجاب والقبول ما إذا كان نظير جوهري من عدمه، إلا أن المشرع في تشريع جرائم تكنولوجية البيانات ” جرائم الانترنت ” علق أثر الصلح في انقضاء الدعوي الجنائية في حفنة من الجرائم علي اعتماد المجلس القومي لتشريع الاتصالات، وللصلح أثر نسبي فلا يستفيد منه سوى من كان طرف فيه.
فى التقرير اللاحق، نلقى الضوء على متشكلة التصالح في جرائم تكنولوجيا البيانات أو مقاتلة جرائم الانترنت، إذ إنه من المعروف ومتفق عليه أن تعدد المتهمين وتصالح من وقع في حقه الجرم من بعضهم دون القلائل تكون قد انقضت الدعوي لمن تصالح بصحبته المجنى أعلاه وظلت لائحة فيما يتعلق للآخرين، وأن تعدد المعتدى عليهم في الجرم وجب لانقضاء الدعوي أن يتصالح الجميع مع المدعى عليه فإن تصالح القلة دون القلة إستمرت الدعوي لائحة – على حسب أستاذ الدستور الجنائي والمحامي بالنقض ياسر فاروق صاحب السمو الأمير.
جرائم لا يثبت الصلح فيها سوى باعتماد القومي للاتصالات
فى الافتتاح – يلزم أن نعلم أن المشرع انتقي فى تشريع جرائم تكنولوجية البيانات جرائم بعينها فيها للمتهم أن يثبت فيها صلحة مع الضحية أو وكيله المخصص أو ورثته، ورتب علي الصلح انقضاء الدعوي لحظيا في اي شأنه كانت فوق منها ولو للمرة الأولى في مواجهة محكمة النقض، إلا أن في حفنة من الجرائم علق أثر الصلح علي اعتماد المجلس القومي لـ تحضير الاتصالات حيث نصت المادة 42 من التشريع رقم 175 لعام 2018 بصدد جرائم تكنولوجية البيانات حتّى:
“يجوز للمتهم في أية وضعية كانت فوق منها الدعوى الجنائية، وقبل صيرورة الحكم باتا، إثبات الصلح مع الضحية أو وكيله المخصص أو خلفه العام، في مواجهة الإدعاء العام أو المحكمة الخاصة على حسب الأوضاع، ولذا في الجنح المنصوص فوقها في المواد 15، 16،17، 18، 19، عشرين، 24، 27، 29، 31، 32، من ذاك التشريع، ولا ينتج اقرار الضحية بالصلح المنصوص فوق منه بالفقرة الفائتة أثره سوى باعتماده من الجهاز فيما يتعلق للجنح المنصوص أعلاها بالمواد 15، 18، 19، 24 من ذلك الدستور”.
الجرائم حانوت الصلح المطلق
والجرائم بقالة الصلح المطلق هي الجنح المنصوص فوق منها بالمواد 15و16و17و18و19 و20 و24 و27 و29 و31و32 من التشريع رقم 175 لعام 2018 وهي جناية المادة 15 أو بالأحرى جناية الدخول غير المشروع حيث نصت هذه المادة حتّى: “يعاقب بالسجن فترة ليست أقل من سنة، وبغرامة ليست أقل من خمسين ألفا ولا تخطى مائة 1000 جنيه، أو واحدة من هاتين العقوبتين، جميع من دخل عمدا أو دخل بخطأ غير عمدي وبقي من دون وجه حق، على موقع أو حساب خاص أو نمط معلوماتي ممنوع الدخول فوق منه، فإذا نتج عنه عن ذاك إعطاب أو إزالة أو تحويل أو نسخ أو إسترداد عرَض للمعلومات أو البيانات الحاضرة على هذا الموقع أو الحساب المختص أو الإطار المعلوماتي، تكون المعاقبة الحبس مرحلة ليست أقل من سنتين وبغرامة ليست أقل من مائة 1000 جنيه ولا تخطى مائتين 1000 أو بإحدى هاتين العقوبتين” – استنادا لـ”صاحب السمو الأمير”.
جرم الاعتراض غير المشروع
وكذلك جناية المادة “16” وهي جرم الاعتراض غير المشروع اذ نصت حتّى: ” يعاقب بالسجن مرحلة ليست أقل من سنة وبغرامة ليست أقل من خمسين 1000 جنيه ولا تخطى 250 1000 جنيه، أو بإحدى هاتين العقوبتين جميع من اعترض من دون وجه حق أية بيانات أو معلومات أو كل ما هو متعامل على يد شبكة معلوماتية أو واحد من عتاد الحاسب الألى وما في حكمها”.
جرم الاعتداء على سلامة المعلومات
وإضافة إلى جرم المادة “17” المرتبطة بالاعتداء على سلامة المعلومات والمعلومات والنظم المعلوماتي حيث نصت إلى أن: “يعاقب بالسجن مرحلة ليست أقل من سنتين وبغرامة ليست أقل من مائة 1000 جنيه ولا تعدى خمسمائة 1000 جنيه، أو بإحدى هاتين العقوبتين جميع من أتلف أو عطل أو عدل مجرى أو قام بإلغاء على الإطلاقً أو جزئياً، متعمداً وبدون وجه حق، البرامج والبيانات أو البيانات المخزنة، أو المعالجة، أو المولدة أو المخلقة على أى نمط معلوماتي وما فى حكمه، أيا كانت الطريقة التى استخدمت فى الجرم”.
جناية الاعتداء على البريد الإلكتروني
وأيضاً جناية المادة “18” المرتبطة بالاعتداء على البريد الآلي جرم المادة 17 وهي جرم الاعتراض غير المشروع حيث نصت تلك المادة حتّى: “يعاقب بالسجن مرحلة ليست أقل من سنة وبغرامة ليست أقل من خمسين 1000 جنيه ولا تخطى 250 1000 جنيه، أو بإحدى هاتين العقوبتين جميع من اعترض من دون وجه حق أية بيانات أو معلومات أو كل ما هو متعامل على يد شبكة معلوماتية أو واحد من معدات الحاسب الألى وما في حكمها”.
جناية الاعتداء على المواقع والحسابات
وايضا جناية المادة “18” المرتبطة بالاعتداء على البريد الإليكتروني أو المواقع أو الحسابات المختصة حيث نصت علي أن: “يعاقب بالسجن مرحلة ليست أقل من شهر، وبغرامة ليست أقل من خمسين 1000 جنيه ولا تعدى مائة 1000 جنيه أو بإحدى العقوبتين جميع من أتلف أو عطل أو أبطأ أو اخترق بريدا إلكترونيا أو موقعا أو حسابا خاصا بأحد الناس، فإذا وقعت الجرم على بريد إلكتروني أو موقع أو حساب خاص بأحد الأفراد الاعتبارية المخصصة، تكون الإجراء التأديبي الحبس مرحلة ليست أقل من 6 أشهر وبغرامة ليست أقل من مائة 1000 جنيه ولا تعدى مائتين 1000 جنيه أو بإحدى هاتين العقوبتين”.
جرم الاعتداء على إعداد موقع
وأيضا جرم المادة “19” المرتبطة بالاعتداء على تخطيط موقع حيث نصت حتّى: “يعاقب بالسجن مرحلة ليست أقل من 3 أشهر، وبغرامة ليست أقل من عشرين 1000 جنيه ولا تخطى مائة 1000 جنيه أو بإحدى العقوبتين، جميع من أتلف أو عطل أو أبطأ أو أفسد شكل أو اخفى، أو غير تصاميم موقعاً خاصاً بمؤسسة أو شركة أو منشأة أو فرد طبيعى بغير وجه حق”.
جناية الاعتداء على الأنظمة المعلوماتية
وإضافة إلى جناية المادة “عشرين” المرتبطة بالاعتداء على الأنظمة المعلوماتية المخصصة بالبلد حيث نصت حتّى: “يعاقب بالسجن فترة ليست أقل من سنتين وبغرامة ليست أقل من خمسين 1000 جنيه ولا تخطى مائتين 1000 جنيه، وبإحدى هاتين العقوبتين، جميع من دخل عمدا أو بخطأ غير عمدي وبقي بلا وجه حق، أو تخطى حواجز الحق المخول له من إذ الدهر أو معدّل الدخول أو اخترق موقعا أو بريدا إلكترونيا أو حسابا خاصا أو نظاما معلوماتيا يدار بمعرفه أو لحساب الجمهورية أو واحد من الشخصيات الاعتبارية العامة، أو مملوك لها أو يخصها.
فإن كان الدخول بغاية الاعتراض أو الحصول من دون وجه حق على معلومات أو بيانات رسمية تكون الإجراء التأديبي السجن والغرامة التي ليست أقل من مائة 1000 جنيه ولا تعدى خمسمائة 1000 جنيه – وفى جميع الظروف – إذا ترتب على أي من الإجراءات الفائتة تدمير هذه المعلومات أو البيانات أو هذا الموقع أو الحساب المختص أو الإطار المعلوماتي أو البريد الإلكتروني أو تدميرها أو تشويهها أو تغييرها أو تغييرها أو تصميمها أو نسخها أو تسجيلها أو تطوير مسارها أو إسترداد أصدرها أو إلغائها تماما أو جزئيا بأي أداة كانت، تكون الجزاء السجن والغرامة التي ليست أقل من 1,000,000 جنيه ولا تخطى 5 ملايين جنيه.
جرم اصطناع المواقع والحسابات
-وايضاًً جناية المادة “24” المرتبطة باصطناع المواقع والحسابات المختصة والبريد الإلكتروني حيث نصت علي أن يعاقب بالسجن مرحلة ليست أقل من 3 أشهر وغرامة ليست أقل من عشرة آلاف جنيه ولا تعدى ثلاثين 1000 جنيه أو بإحدى العقوبتين جميع من اصطنع بريدا إلكترونيا أو موقعا أو حاسبا خاصا ونسبه زورا لشخص طبيعي أو اعتباري، فإذا استخدم الجاني البريد أو الموقع أو الحساب المختص المصطنع في وجّه يسئ إلى من نسب إليه، تكون الإجراء التأديبي الحبس الذى لا تقل مدته عن سنة وغرامة ليست أقل من خمسين 1000 جنيه ولا تخطى مائتين 1000 جنيه أو بإحدى العقوبتين، وإذا وقعت الجناية على واحد من الشخصيات الاعتبارية العامة فتكون الإجراء التأديبي السجن والغرامة التي ليست أقل من مائة 1000 جنيه ولا تزيد على ثلاثمائة 1000 جنيه.
جرم مدير الموقع
وإضافة إلى جناية المادة “27” المرتبطة بمدير الموقع التي نصت حتّى في غير الظروف المنصوص فوق منها في ذلك الدستور، يعاقب بالسجن مرحلة ليست أقل من سنتين وبغرامة ليست أقل من مائة 1000 جنيه ولا تزيد عن ثلاثمائة 1000 جنيه أو بإحدى هاتين العقوبتين، جميع من أنشا أو أدار أو استخدم موقعا أو حسابا خاصا على شبكة معلوماتية يصبو إلى ارتكاب أو تيسير ارتكاب جناية مجازى أعلاها قانوناً.
إجراء تأديبي مدير الموقع
-وإضافة إلى جرم المادة “29” التي نصت علي أن: “يعاقب بالسجن مرحلة ليست أقل من سنة، وبغرامة ليست أقل من عشرين 1000 ولا تخطى مائتين 1000 جنية، أو بإحدى هاتين العقوبتين كل صاحب مسئولية عن منفعة الموقع أو الحساب المخصص أو البريد الإليكتروني أو الإطار المعلوماتي إبراز أي من ضمنهم لإحدى الجرائم المنصوص فوق منها في ذلك الدستور، ويعاقب بالسجن مرحلة ليست أقل من 6 أشهر وبغرامة ليست أقل من عشرة الاف جنية ولا تخطى مائة 1000 جنية أو بإحدى هاتين العقوبتين كل صاحب مسئولية عن هيئة الموقع أو الحساب المختص أو البريد الإليكتروني أو النسق المعلوماتي، تتسبب في بإهماله في تعرض أى من بينهم لإحدى الجرائم المنصوص أعلاها فى ذلك التشريع، وقد كان هذا بعدم اتخاذه الإجراءات والاحتياطات التأمينية الواردة في السجل التنفيذية.
جرم مقدم الوظيفة الخدمية
وإضافة إلى جرم المادة “31” التي نصت علي أن: ” يعاقب بالسجن مرحلة ليست أقل من سنة وغرامة ليست أقل من 5000 جنيه ولا تعدى 20 1000 جنيه، أو بإحدى هاتين العقوبتين، كل مقدم وظيفة خدمية خالف القرارات الواردة بالبند (2) من العبارة أولا من المادة (2) من ذلك التشريع، وتتعدد جزاء الغرامة بتعدد المجنى عليهم من مستخدمى المساندة، وكذلك جرم المادة (32) التي نصت علي أن يعاقب بالسجن فترة ليست أقل من 6 أشهر وبغرامة ليست أقل من عشرين 1000 جنيه ولا تخطى مائة 1000 جنية أو بإحدى هاتين العقوبتين، كل مقدم مساندة امتنع عن تطبيق المرسوم الصادر من ناحية التقصي المخصصة بتسليم ما عنده من معلومات أو بيانات المذكورة فى المادة (6) من ذاك التشريع.
إلا أن المشرع علق أثر الصلح على اعتماد المجلس القومي لتقنين الاتصالات متى تم الصلح بين المشتبه به والمجني فوقه في الجرائم المنصوص فوق منها في المواد 15و19و24و29 المنوه عنها آنفا، وهكذا لا تزول الدعوي الجنائية عن تلك الجرائم فور الصلح وإنما يقتضي أن يعتمد من المجلس المشار إليه، فقد كان سبّاق المشرع في تعليق أثر الصلح أن تلك الجرائم لا تمس حق متفرد بالمجني فوق منه، وإنما تمس أيضاً حقوق غيره من جموع الشعب فلزم جعل زمام مقر أثر الصلح علي ارادة الشعب الفنانة في المجلس بجوار ارادة الضحية – الخطبة لـ”صاحب السمو الأمير”.
رأى محكمة النقض فى التصالح
ويستقر قضاء النقض علي ورود الجرائم التي يجوز فيها الصلح في الدستور على طريق الحصر لا الخطبة والتمثيل، فلا يصح الإتساع فيها أو القياس فوق منها طبقا للطعن رقم 3744 لعام 5 جلسة 2015/عشرة/24، وأن – الصلح الجنائي – يقبل التوزيع فهو نسبي الأثر لا يستفيد منه سوى المدعى عليه الذي كان طرفا فيه دون غيره من المتهمين طبقا للطعن رقم 4864 لعام 5 جلسة 2016/02/06.
وتري ايضاًً النقض أن الصلح بين من وقع في حقه الجرم والمتهم بخصوص جناية يجوز فيها الصلح قانونا لا يترتب فوق منه امتداد أثر الصلح إلى جرم أخري لا يمكن فيها الصلح ولا يعترض بدعوي ارتباط الجرائم، هذا أن مناط اعمال أحكام الارتباط استنادا للمادة 32 غرامات رهن بمثابة الجرائم المتعلقة لائحة لم يجر علي إحداها حكم اعفاء من العقوبة أو انقضاء طبقا للطعن رقم 12154 لعام 75 جلسة 2012/عشرة/21 س 63، ويستمر حق الضحية ووكيله المختص وورثته حالي في الصلح مع المدعى عليه حتي صدور حكم في الدعوي، لأن صدور ذاك الحكم يؤذن بمرور الدعوي فيكون الصلح الحاصل حتى الآن الحكم البات وارد علي غير حانوت فلا يقبل لسبق انقضاء الدعوي بالحكم البات.